البحث عن شرعية من "ماتش كورة"

أئمة المساجد يوم الجمعة الماضي ، تضرعوا - من على منابرهم - إلى الله تعالى أن "ينصر" المنتخب الوطني على "خصمه" الجزائري!.. وبعضهم ألح في الدعاء وهو يبكي ويحث المصلين على أن يشاركونه البكاء!!..

الشيخ خالد الجندي، وفي مداخلة تليفونية مع الزميل سيد علي في "48 ساعة".. كشف الداعية الكبير أنه أعطى محاضرة نفسية للاعبين لتثبيت قواهم، مؤكداً أنه خطب فيهم الجمعة مشدداً على ضرورة التوكل على الله وليس التواكل عليه حتى يتم الانتصار، وأن اللاعبين ركزوا في أسئلتهم له على كيفية قبول الدعاء وتفعيل التوكل على الله، مضيفاً أنه رأى في عيون أسود المنتخب تشديدًا على النصر، داعياً لهم على الهواء بأن "يثبت الله قلوبهم وأقدامهم.. اللهم اجعلهم عند حسن ظننا.. اللهم وحد بين صفوفهم واجعلهم خير عنوان لشبابنا"!!..

والرئيس مبارك يزور معسكر المنتخب الوطني ولم يزر مقر إقامة المنتخب الجزائري رغم أن البعض كان يتوقع أن يفعلها الرئيس لتهدئة الأجواء المتوترة إلى حد ينذر بعواقب كارثية..

ود. عبد المنعم سعيد في الأهرام يوم أمس اعتبر هذه الابتذال والإسفاف في مفهوم "الوطنية" دلالة على "عمليات التحول التاريخية الجارية في مصر"!!.

كل هذا قد يثير الفزع من "العقلية" التي تحكم مصر، والتي "دعبست" في دفاترها القديمة والجديدة بحثا عن "شرعية" سواء للنظام الحالي أوالمتوقع من بعده، فلم تجد إلا هذه "الفرصة": البحث عن شرعية لها من خلال أقدام لاعبي كرة قدم! ما يحدث لا يمكن تفسيره إلا أن وراءه حدثا سياسيا كبيرا..

بعض الإعلاميين الجدد حمل البشارة إلى مؤسسة الحكم، معلنا أن النصر - الذي يتوقعه - سيهديه لأمانة السياسات، وما كتبه عبد المنعم سعيد، هو تمهيد حقيقي لنقل "وثيقة الشرعية" من إستاد القاهرة - حال فاز المنتخب الوطني - إلى البيت الرئاسي مباشرة! كل هذا قد يثير الشفقة على الباحث عن الشرعية من خلال "ماتش كورة".. وقد يثير الفزع فعلا لأنه يضع البلد كلها على بئر بنزين قد يشتعل إذا ما جاءت الرياح على غير ما تشتهي هذه "الجماعة السرية" والغامضة والتي تدير هذه الهوس والإسفاف الإعلامي من مكاتبها وخنادقها تحت الأرض..

ولكن ما يثير الفزع أكثر، هو حشر القضاء المصري في هذا المشهد الهزلي الخالي من الوقار، وادعاء مندوب الأهرام في وزارة الداخلية الصحفي أحمد موسى أن "مصدرا قضائيا كبيرا" - لم يسمه - كشف لـ"الأهرام" أن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في واقعة الأتوبيس الذي كان يقل بعثة الفريق الجزائري‏,‏ أكدت أن هذه الواقعة مفتعلة‏,‏ وأن هناك شريط فيديو يوضح بدقة دور لاعبي الجزائر ومن كانوا داخل الأتوبيس في تحطيم نوافذه‏".

النائب العام ولا أحد من وكلائه أصدر بيانا رسميا بهذا الشأن .. غير أن "إعلاميين" أمانة السياسات والذين يلعبون هذه اللعبة الخطرة من أجل "سيدهم".. حشروا النيابة العامة في الموضوع غير مدركين أن هذا "الحشر" يسيء للقضاء المصري في الخارج قبل الداخل وقد يفقده مصداقيته وحيدته أمام الرأي العام الإقليمي والدولي.

الفترة التي سبقت مباراة مصر والجزائر مساء أمس، تؤكد أن البلد كلها ومصالحها وعلاقاتها بالعالم العربي.. بات لا وزن لها أمام مصالح الطامعين في التأبيد على كراسيهم.. وتوظف الدولة كلها من أجل حبك أكبر "تمثيلية" وخدعة لتوريط الشعب كله في البيعة الكبرى لـ"البطل" و"الزعيم" المنتظر.. الذي تحقق في عهده هذا "النصر الوطني" الكبير!

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي